كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


عدّوا من خصائص هذه الأمة التسحر وتعجيل الفطر وإباحة الأكل والشرب والجماع ليلاً إلى الفجر وكان محرماً على من قبلهم بعد النوم وإباحة الكلام في الصوم وكان محرماً على من قبلهم، فيه عكس الصلاة، ذكره في الأحوذي‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن عبد اللّه بن سراقة‏)‏ بضم المهملة وفتح الراء وبالقاف وهو ابن المعتمر العدوي قال في الكاشف‏:‏ قيل له صحبة وهو حديث ضعيف لكن يقويه وروده من طريق آخر عند ابن النجار في تاريخه بلفظ تسحروا ولو بجرعة ماء صلوات اللّه على المتسحرين‏.‏

3295 - ‏(‏تسحروا ولو بشربة من ماء وأفطروا‏)‏ إذا تحققتم الغروب ‏(‏ولو على شربة من ماء‏)‏ ولا تواصلوا فإن الوصال عليكم حرام قال الغزالي‏:‏ شذ جمع ممن يدعي التصوف فصرف ألفاظ الشارع عن ظاهر المفهوم منها إلى أمور باطنة لا تسبق الأفهام إليها فقالوا أراد بالسحور الاستفسار كما قالوا في ‏{‏اذهب إلى فرعون إنه طغى‏}‏ أنه أشار إلى قلبه فهو الطاغي وفي ‏{‏ألق عصاك‏}‏ أي كل ما يتوكأ عليها مما سوى اللّه يلقيه وهذه خرافات يحرّفون بها الكتاب والسنة وبطلانه قطعي وكيف يحمل التسحر على الاستغفار مع كون المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يتسحر بتناول الطعام في السحر ويقول تسحروا‏.‏

- ‏(‏عد عن علي‏)‏ أمير المؤمنين كرم اللّه وجهه هكذا رواه في الكامل من حديث حسين بن عبد اللّه بن ضميرة عن أبيه عن جده عن علي مرفوعاً قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي وحسن هذا متروك قاله أحمد وغيره‏.‏

3296 - ‏(‏تسعة أعشار الرزق في التجارة‏)‏ قال ابن الأثير‏:‏ جمع عشير وهي العشر كنصيب وأنصباء اهـ ‏(‏والعشر في المواشي‏)‏ في رواية بدل المواشي السائمات قال الزمخشري‏:‏ وهي الناج فمرجعها واحد قال الماوردي‏:‏ وإنما كان كذلك لأن التجارة فرع لمادتي الناج والزرع وهي نوعان تقليب في الحضر من غير نقلة ولا سفر والثاني تقليب في المال بالأسفار ونقله إلى الأمصار مما يحتاجه الخاص والعام إذ هي مادة أصل الحضر وسكان الأمصار والمدن والاستمداد بها أعم نفعاً وأكثر ربحاً ولا يستغني عنه أحد من الأنام وأما المواشي فإنما هي مادة أهل الفلوات وسكان الخيام أنهم لما لم يستقر بهم دار ولم يضمهم أمصار افتقروا إلى الأموال المتنقلة فاتخذوا الحيوان ليستقل في النقلة بنفسه ويستغنى ‏[‏ص 245‏]‏ في العلوفة برأيه فمعظم نفعه إنما هو لأولئك اهـ‏.‏ وهذا لا يقتضي أفضلية التجارة على الصناعة والزراعة لأنه إنما يدل على أن الرزق في التجارة أكثر ولا تعارض بين الأكثرية والأفضلية‏.‏

- ‏(‏ص عن نعيم بن عبد الرحمن الأزدي‏)‏ مقبول من الطبقة الثانية ‏(‏ويحيى بن جابر الطائي مرسلاً‏)‏ هو قاضي حمص قال في الكشاف‏:‏ صدوق وفي التقريب‏:‏ ثقة يرسل كثيراً ورواه أيضاً إبراهيم الحربي في غريب الحديث عن نعيم المذكور قال الحافظ العراقي‏:‏ ورجاله ثقات ونعيم هذا قال فيه ابن منده ذكر في الصحابة ولا يصح وقال أبو حاتم الرازي وابن حبان تابعي فعلى هذا الحديث من طريقه مرسل‏.‏

3297 - ‏(‏تسليم الرجل بأصبع واحدة يشير بها فعل اليهود‏)‏ قال البيهقي في الشعب‏:‏ يحتمل أن المراد كراهته الاقتصار على الإشارة في التسليم دون التلفظ بكلمة التسليم إذا لم يكن في حالة تمنعه من التكلم وقال السمهودي‏:‏ هذا الحديث ربما دلّ على أن السلام شرع لهذه الأمة دون غيرهم وسيجيء في خبر ما ظاهره ينافيه‏.‏

- ‏(‏ع طس هب عن جابر‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال أبي يعلى رجال الصحيح وقال المنذري‏:‏ رواته رواة الصحيح‏.‏

3298 - ‏(‏تسمعون‏)‏ بفتح فسكون ‏(‏ويسمع‏)‏ مبني للمجهول ‏(‏منكم‏)‏ خبر بمعنى الأمر أي لتسمعوا مني الحديث وتبلغوه عني وليسمعه من بعدي منكم قال الزمخشري‏:‏ وإنما يخرج الأمر في صورة الخبر للمبالغة في إيجاب إيجاد المأمور به فيجعل كأنه يوجد فهو مخبر عنه ‏(‏ويسمع‏)‏ بالبناء للمجهول ‏(‏ممن يسمع‏)‏ بفتح فسكون أي ويسمع الغير من الذي يسمع ‏(‏منكم‏)‏ حديثي كذا من بعدهم وهلم جراً وبذلك يظهر العلم وينشر ويحصل التبليغ وهو الميثاق المأخوذ عن العلماء قال العلائي‏:‏ هذا من معجزاته التي وعد بوقوعها أمّته وأوصى أصحابه أن يكرموا نقلة العلم وقد امتثلت الصحابة أمره ولم يزل ينقل عنه أفعاله وأقواله وتلقى ذلك عنهم التابعون ونقلوه إلى أتباعهم واستمر العمل على ذلك في كل عصر إلى الآن‏.‏

- ‏(‏حم د ك عن ابن عباس‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح ولا علة له وأقره الذهبي وقال العلائي‏:‏ حسن وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته ثم يأتي من بعد ذلك قوم سمان يحبون السمن ويشهدون قبل أن يسألوا‏.‏

3299 - ‏(‏تسموا باسمي‏)‏ محمد وأحمد وحقيقة التسمية تعريف الشيء بالشيء لأنه إذا وجد وهو مجهول الاسم لم يكن له ما يقع تعريفه به فجاز تعريفه يوم وجوده أو إلى ثلاثة أيام أو سبعة أو فوقها والأمر واسع وهذا نص صريح في الرد على من منع التسمي باسمه كالتكني قال المؤلف في مختصر الأذكار وأفضل الأسماء محمد ‏(‏ولا تكنوا‏)‏ بفتح التاء والكاف وشد النون وحذف إحدى التاءين أو بسكون الكاف وضم النون ‏(‏بكنيتي‏)‏ أي القاسم إعظاماً لحرمتي فيحرم التكني به لمن اسمه محمد وغيره في زمنه وغيره على الأصح عند الشافعية وجوّز مالك التكني بعده به حتى لمن اسمه محمد وقوله تسموا جملة من فعل وفاعل وباسمي صلة وكذا ولا تكنوا بكنيتي وهو من عطف منفي على مثبت وهذا قاله حين نادى رجل يا أبا القاسم فالتفت فقال لم أعنك إنما دعوت فلاناً قال الحرالي‏:‏ والتسمية إبداء الشيء باسمه للسمع في معنى المصور وهو إبداء الشيء بصورته في العين‏.‏

من الغريب ما قيل إنه يحرم التسمي باسمه محمد والتسمي بالقاسم لئلا يكنى أبوه أبا القاسم حكاهما النووي رضي اللّه عنه في شرح مسلم فأما الثاني فمحتمل وأما الأول فيكاد يكون باطلاً لقيام الإجماع وظاهر كلامهم أنه إنما كنى بأبي القاسم فقط دون غيره وليس كذلك فقد أخرج البيهقي وابن الجوزي وغيرهما عن أنس قال‏:‏ لما ولد إبراهيم ابن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من مارية كاد يقع في نفس النبي صلى اللّه عليه وسلم منه حتى أتاه جبريل عليه السلام فقال‏:‏ السلام عليك يا أبا إبراهيم قال ابن الجوزي عقبه وقد نهى أن يكنى بكنيته هذا لفظه وقضيته الحرمة كأبي القاسم لكن قد يقال إنما ‏[‏ص 246‏]‏ حرم بأبي القاسم لأنه كان ينادى به لكونه أول ولد ولد له فاشتهر به ولم يكن يدعى بأبي إبراهيم‏.‏

- ‏(‏حم ق ن ه عن أنس‏)‏ بن مالك قال‏:‏ نادى رجل رجلاً بالبقيع يا أبا القاسم فالتفت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول اللّه إني لم أعنك إنما دعوت فلاناً فذكره ‏(‏حم ق ه عن جابر‏)‏ قال‏:‏ ولد لرجل منا غلام فسماه محمداً فقال له قومه‏:‏ لا تدعه يسمى باسم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فانطلق بابنه حامله على ظهره فأتى به النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول اللّه ولد لي ولد فسميته محمداً فمنعني قومي فذكره قال ابن حجر‏:‏ في الباب ابن عباس وغيره‏.‏

3300 - ‏(‏تسموا بأسماء الأنبياء‏)‏ لفظه أمر ومعناه الإباحة لأنه خرج على سبب وهو تسموا باسمي وإنما طلب التسمي بالأنبياء لأنهم سادة بني آدم وأخلاقهم أشرف الأخلاق وأعمالهم أصلح الأعمال فأسماؤهم أشرف الأسماء فالتسمي بها شرف للمسمى ولو لم يكن فيها من المصالح إلا أن الاسم يذكر بمسماه ويقتضي التعلق بمعناه لكفى به مصلحة مع ما فيه من حفظ أسماء الأنبياء عليهم السلام وذكرها وأن لا تنسى فلا يكره التسمي بأسماء الأنبياء بل يستحب مع المحافظة على الأدب، قال ابن القيم‏:‏ وهو الصواب وكان مذهب عمر كراهته ثم رجع كما يأتي وكان لطلحة عشرة أولاد كل منهم اسمه اسم نبي والزبير عشرة كل منهم مسمى باسم شهيد فقال له طلحة‏:‏ أنا أسميهم بأسماء الأنبياء وأنت بأسماء الشهداء فقال‏:‏ أنا أطمع في كونهم شهداء وأنت لا تطمع في كونهم أنبياء ‏(‏وأحب الأسماء إلى اللّه‏)‏ تعالى ‏(‏عبد اللّه وعبد الرحمن‏)‏ لأن التعلق الذي بين العبد وبين اللّه إنما هو العبودية المحضة والتعلق الذي بين اللّه وعبده بالرحمة المحضة فبرحمته كان وجوده وكمال وجوده والغاية التي أوجده لأجلها أن يتألهه وحده محبة وخوفاً ورجاء وإجلالاً وتعظيماً ولما غلبت رحمته غضبه وكانت الرحمة أحب إليه من الغضب كان عبد الرحمن أحب إليه من عبد القاهر ‏(‏وأصدقها حارث وهمام‏)‏ إذ لا ينفك مسماهما عن حقيقة معناهما ‏(‏وأقبحهما حرب ومرة‏)‏ لما في حرب من البشاعة وفي مرة من المرارة وقيس به ما أشبهه كحنظلة وحزن ونحو ذلك -كان صلى اللّه عليه وسلم يحب الفأل الحسن والاسم الحسن-

- ‏(‏خد د ن عن أبي وهب الجشمي‏)‏ بضم الجيم وفتح المعجمة وآخره ميم نسبة إلى قبيلة جشم بن الخزرج من الأنصار صحابي نزل الشام قال ابن القطان‏:‏ فيه عقيل بن شبيب قالوا‏:‏ فيه غفلة‏.‏

3301 - ‏(‏تسمون أولادكم محمداً ثم تلعنونهم‏؟‏‏)‏ وفي رواية لعبد بن حميد تسبونهم بدل تلعنونهم وهذا استفهام إنكاري محذوف الهمزة‏.‏ قال القاضي‏:‏ أنكر اللعن إجلالاً لاسمه كما منع ضرب الوجه تعظيماً لصورة آدم وشذت طائفة فأخذوا من هذا الحديث منع التسمي بمحمد وأيدوه بأن عمر كتب إلى الكوفة لا تسموا أحداً باسم نبي وبأمره جماعة من المدينة بتغيير أسماء أبنائهم ورد بمنع دلالة الحديث على ذلك إذ مقتضاه النهي عن لعن من اسمه محمد لا عن التسمية به وقد مرت النصوص الدالة على الإذن فيه بل يأتي أخبار تدل على الترغيب فيه كقوله ما ضر أحدكم أن يكون في بيته محمداً وأحمد وقوله ما اجتمع قوم في مشورة فيهم من اسمه محمد الحديث وبأن كتابة عمر رضي اللّه عنه كانت لكونه سمع رجلاً يقول لابن أخيه محمد بن زيد‏:‏ فعل اللّه بك يا محمد وصنع فقال‏:‏ لا أرى رسول اللّه يسب بك واللّه لا يدعى محمداً أبداً وكتب بذلك وأمر به فذكر له جماعة سماهم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بذلك فترك قال الطيبي‏:‏ أمر أولاً بالتسمي بأسماء الأنبياء فرأى فيه نوع تزكية للنفس وتنويهاً بشأنها فنزل إلى قوله‏:‏ أحب الأسماء إلخ لأن فيه خضوعاً واستكانة ثم نظر إلى أن العبد قد يقصر في العبودية ولم يتمكن من أدائها فلا يصدق عليه هذا الاسم فنزل إلى قوله حارث وهمام‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏ع ك‏)‏ في الأدب من حديث الحكم بن عطية عن ثابت ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الذهبي‏:‏ ‏[‏ص 247‏]‏ والحكم وثقه بعضهم وهو لين اهـ‏.‏ وقال ابن القطان‏:‏ رواه من حديث الحكم بن عطية وهو واه قال أحمد‏:‏ لا بأس به لكن أبو داود روى عنه أحاديث منكرة وهذا من روايته عنه وقال الهيثمي‏:‏ رواه أبو يعلى والبزار وفيه الحكم بن عطية وثقه أحمد وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح وقال ابن حجر في الفتح‏:‏ خرجه البزار وأبو يعلى وسنده لين‏.‏

3302 - ‏(‏تصافحوا‏)‏ من الصفحة والمراد الإفضاء من اليد إلى صفحة اليد ‏(‏يذهب الغل‏)‏ أي الحقد والضغن ‏(‏عن قلوبكم‏)‏‏.‏

- ‏(‏عد عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ورواه عنه أيضاً الأصبهاني في الترغيب وخرجه مالك في الموطأ عن عطاء مرسلاً قال المنذري‏:‏ رواه مالك هكذا معضلاً قال‏:‏ وقد أسند من طريق فيها مقال يشير إلى حديث ابن عدي المذكور وقال ابن البارد‏:‏ حديث مالك جيد‏.‏

3303 - ‏(‏تصدقوا فسيأتي عليكم زمان‏)‏ يستغني الناس فيه عن المال لظهور الكنوز وكثرة العدل وقلة الناس وقصر آمالهم أوّل ظهور الأشراط وكثرة الفتن بحيث ‏(‏يمشي الرجل‏)‏ الإنسان فيه ‏(‏بصدقته‏)‏ يلتمس من يقبلها منه ‏(‏فيقول‏)‏ الإنسان ‏(‏الذي يأتيه بها‏)‏ يعني الذي يريد المتصدق أن يعطيه الصدقة ‏(‏لو جئت بها‏)‏ إليّ ‏(‏بالأمس‏)‏ حيث كنت محتاجاً إليها ‏(‏لقبلتها‏)‏ منك ‏(‏فأما الآن‏)‏ وقد كثرت الأموال اشتغلنا بأنفسنا وإنما نقصد نجاة مهجنا ‏(‏فلا حاجة لي فيها‏)‏ أي في قبولها فيرجع بها ‏(‏فلا يجد من يقبلها‏)‏ منه فكيفما كان هو من أشراط الساعة وزعم أن ذلك وقع في زمن عمر بن عبد العزيز فليس من الأشراط بعيد جداً وفيه حث على الإسراع بالصدقة وتهديد لمن أخرها عن مستحقها ومطلوبها حتى استغنى يعني المستحق الفقير لا يخلص ذمة الغني المماطل-قال القسطلاني‏:‏ وهذا إنما يكون في الوقت الذي يستغني فيه الناس عن المال لاشتغالهم بأنفسهم عند الفتنة وهذا في زمن الدجال أو يكون ذلك لفرط الأمن والعدل البالغ بحيث يستغني كل أحد بما عنده عما عند غيره وهذا يكون في زمن المهدي وعيسى أما عند خروج النار التي تسوقهم إلى المحشر فلا يلتفت أحد إلى شيء بل يقصد نجاة نفسه ومن استطاع من أهله وولده ويحتمل أن يكون يمشي بصدقته إلى آخر ما وقع في خلافة عمر بن عبد العزيز فلا يكون من أشراط الساعة وفي تاريخ يعقوب بن سفيان من طريق يحيى بن أسيد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب بسند جيد قال‏:‏ لا واللّه ما مات عمر بن عبد العزيز حتى قعد الرجل يأتينا بالمال العظيم فيقول اجعلوا هذا حيث ترون في الفقراء فما يبرح حتى يرجع بماله فيتذكر من بضعه فيهم فلا يجده فيرجع قد أغنى عمر بن عبد العزيز الناس وسبب ذلك بسط عمر بن عبد العزيز العدل وإيصال الحقوق إلى أهلها حتى استغنوا‏.‏- ‏(‏حم ق ت‏)‏ في الزكاة ‏(‏عن حارثة‏)‏ بحاء مهملة ومثلثة ‏(‏ابن وهب‏)‏ الخزاعي صحابي نزل الكوفة وهو ربيب عمر بن الخطاب‏.‏

3304 - ‏(‏تصدقوا فإن الصدقة فكاكم من النار‏)‏ أي هي خلاصكم من نار جهنم لأن من ثمراتها إزالة سوء الظن باللّه عن العبد المردي في النار وتكذيب الشيطان فيما يعده من الفقر في الإنفاق فيها -قال العبادي‏:‏ الصدقة أفضل من حج التطوع عند أبي حنيفة‏.‏

- ‏(‏طس حل‏)‏ وكذا أبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ ‏[‏ابن حبان‏]‏ والديلمي ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجاله ثقات اهـ‏.‏ وكأنه لم يصدر عن تحرير فقد قال الدارقطني‏:‏ تفرد به الحارث بن عمير عن حميد قال ابن الجوزي‏:‏ قال ابن حبان‏:‏ الحارث يروي عن الأثبات الموضوعات‏.‏

‏[‏ص 248‏]‏ 3305 - ‏(‏تصدقوا ولو بتمرة‏)‏ وفي رواية ولو بشق تمرة ‏(‏فإنها تسد من الجائع‏)‏ قال الزمخشري‏:‏ يريد أن نصف التمرة يسد رمق الجائع كما يورث الشبعان كظة على وقاحته فلا تستقلوا من الصدقة شيئاً وقيل المراد المبالغة لا حقيقة التمرة لعدم غنائها، وقف أعرابي على الدولي وهو يأكل تمراً فقال شيخ‏:‏ هم غابر ماضيين ووفد محتاجين أكلني الفقر وردّني الدهر ضعيفاً مسيفاً فناوله تمرة فضرب بها وجهه وقال له‏:‏ جعلها اللّه حظك من حظك عنده ‏(‏وتطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار‏)‏ قال الطيبي‏:‏ أصله تذهب الخطيئة لقوله ‏{‏إن الحسنات يذهبن السيئات‏}‏ ثم في الدرجة الثانية تمحو الخطيئة لخبر أتبع السيئة الحسنة تمحها ثم في الثالثة تطفئ الخطيئة لمقام الحكاية عن المباعدة عن النار فلما وضع الخطيئة موضع النار على الاستعارة المكنية أثبت لها على الاستعارة التخييلية ما يلازم النار من الإطفاء لتكون قرينة مانعة لها عن إرادة الحقيقة أو ما ‏{‏إنما ياكلون في بطونهم ناراً‏}‏ فمن إطلاق اسم المسبب على السبب‏.‏

- ‏(‏ابن المبارك‏)‏ في الزهد ‏(‏عن عكرمة‏)‏ البربري أحد الأعلام مولى ابن عباس متكلم في عقيدته وقيل يكذب على سيده ‏(‏مرسلاً‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ ولأحمد من حديث عائشة بسند حسن استتري من النار ولو بشق تمرة فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان‏.‏

3306 - ‏(‏تطوع الرجل في بيته‏)‏ أي في محل سكنه بيتاً كان أو غيره ‏(‏يزيد على تطوعه‏)‏ أي صلاته التطوع ‏(‏عند الناس‏)‏ أي بحضرتهم أو بمجامعهم أو بالمسجد ونحوه ‏(‏كفضل‏)‏ أي كما يزيد فضل ‏(‏صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده‏)‏ وهو خمس وعشرون درجة أو سبع وعشرون أو غير ذلك مما سيجيء وذلك لأنه أبعد عن الرياء‏.‏

- ‏(‏ش عن رجل‏)‏ من الصحابة وإبهامه لا يضر لأن الصحب كلهم عدول‏.‏

3307 - ‏(‏تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم‏)‏ يعني يجب على من صلى ثم تبين له أنه كان بملبوسه أو بدنه قدر درهم من الدم أن يعيد صلاته وأخذ بمفهومه أبو حنيفة وابن جرير فقال‏:‏ لا تعاد الصلاة من نجاسة دون الدرهم ومذهب الشافعي العفو عن قليل دم الأجنبي عرفاً ولا يعفى عن نجاسة غير الدم وإن قل‏.‏

- ‏(‏عد هق‏)‏ عن روح بن الفرج عن يوسف بن عدي عن القاسم بن مالك عن روح بن غطيف عن الزهري بن أبي سلمة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ثم تعقبه العقيلي بقوله‏:‏ حدثني آدم قال‏:‏ سمعت البخاري يقول هذا الحديث باطل وروح هذا منكر الحديث وذكره ابن عدي في ترجمة روح بن غطيف وقال ابن معين وهاه وقال النسائي‏:‏ متروك ثم ساق له هذا الخبر اهـ‏.‏ وقال الذهبي‏:‏ واه جداً ورواه الدارقطني من هذا الوجه ثم قال‏:‏ روح بن غطيف متروك الحديث وقال الحافظ ابن حجر‏:‏ روح بن غطيف تفرد به عن الزهري وهو متروك وقال الذهبي‏:‏ أخاف أن يكون موضوعاً وقال البخاري حديث باطل وقال ابن حبان موضوع وحكم ابن الجوزي بوضعه وتبعه على ذلك المؤلف في مختصر الموضوعات ساكتاً عليه وقال البزار‏:‏ أجمع أهل العلم على نكرته قال أعني ابن حجر وأخرجه ابن عدي في الكامل من طريق أخرى عن الزهري لكن فيها أيضاً أبو عصمة متهم بالكذب اهـ‏.‏ وبذلك استبان أن عزو المصنف لابن عدي وسكوته عما عقبته به من بيان القادح غير صواب بل وإن لم يتعقبه مخرجه فسكوت المصنف عليه غير مرضي لأنه من أحاديث الأحكام وهو شديد الضعف فعدم بيان حاله لا يليق بكماله‏.‏

‏[‏ص 249‏]‏ 3308 - ‏(‏تعَافَوُا الحدود‏)‏ بفتح التاء وضم الواو بغير همز ‏(‏فيما بينكم‏)‏ أي تجاوزوا عنها ولا ترفعوها إليَّ ‏(‏فما بلغني من حد‏)‏ أي ثبت عندي ‏(‏فقد وجب‏)‏ عليَّ إقامته والخطاب لغير الأئمة يعني أن الحدود الذي بينكم ينبغي أن يعفوها بعضكم لبعض قبل أن تبلغني فإن بلغتني وجب عليَّ أن أقيمها لأن الحد بعد بلوغ الإمام والثبوت لا يسقط بعفو الآدمي كالمسروق منه وإليه ذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى سقوطه‏.‏

- ‏(‏د ن‏)‏ في القطع ‏(‏ك‏)‏ في الحدود من حديث عمرو بن شعيب ‏(‏عن‏)‏ أبيه عن جده عبد اللّه ‏(‏بن عمرو‏)‏ بن العاص قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وقال ابن حجر‏:‏ سنده إلى عمرو ابن شعيب صحيح اهـ‏.‏ مع أن فيه إسماعيل بن عياش وفيه كلام كثير وخلاف طويل وسببه كما في مسند أبي يعلى أتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم برجل سرق فأمر بقطعه ثم بكا فسئل فقال‏:‏ كيف لا أبكي وأمتي تقطع بين أظهركم قالوا‏:‏ أفلا عفوت قال‏:‏ ذلك سلطان سوء الذي يعفو عن الحدود ولكن تعافوا إلخ‏.‏

3309 - ‏(‏تعافوا تسقط الضغائن بينكم‏)‏ هذا كالتعليل للعفو في هذا وما قبله كأنه قيل‏:‏ لم التعافي قال‏:‏ لأجل أن يسقط ما بينكم من الضغائن فإن الحدود إذا أقيمت أورثت شبهة للنفوس وحقداً ومنه التغرير‏.‏

- ‏(‏البزار‏)‏ في مسنده ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال الهيثمي‏:‏ رواه من طريق محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف‏.‏

3310 - ‏(‏تعاهدوا القرآن‏)‏ أي داوموا على تكراره ودرسه لئلا تنسوه قال القاضي‏:‏ تعاهد الشيء وتعهده محافظته وتجديد العهد به والمراد منه الأمر بالمواظبة على تلاوته والمداومة على تكراره ودرسه ‏(‏فوالذي نفسي بيده‏)‏ أي بقدرته وتصرفه ‏(‏لهو أشد تفصياً‏)‏ بمثناة فوقية وفاء وصاد مهملة أي أسرع تفصياً وتخلصاً وذهاباً وانقلاباً وخروجاً ‏(‏من قلوب الرجال‏)‏ يعني حفظته -وخصهم لأنهم الذين يحفظونه غالباً، فالأنثى كذلك- ‏(‏من الإبل من عقلها‏)‏ جمع عقال أي لهو أشد ذهاباً من الإبل إذا تخلصت من العقال فإنها تفلت حتى لا تكاد تلحق، شبه القرآن وكونه محفوظاً على ظهر قلب بالإبل الآبدة النافرة وقد عقل عقلها وشد بذراعيها بالحبل المتين وذلك أن القرآن ليس من كلام البشر بل كلام خالق القوى والقدر وليس بينه وبين البشر مناسبة قريبة لأنه حادث وهو قديم واللّه سبحانه بلطفه العميم منّ عليهم ومنحهم هذه النعم العظيمة فينبغي تعاهده بالحفظ والمواظبة ما أمكن‏.‏

- ‏(‏حم ق عن أبي موسى‏)‏ الأشعري‏.‏

3311 - ‏(‏تعاهدوا نعالكم‏)‏ أي تفقدوها ‏(‏عند أبواب المساجد‏)‏ بأن تنظروا ما فيها فإن رأيتم بها خبثاً فامسحوه بالأرض قبل أن تدخلوا قال الحافظ العراقي‏:‏ وفي معنى النعل المداس اهـ‏.‏ وأقول وفي معناهما القبقاب المعروف والمراد كل ما يداس فيه بلا حائل بينه وبين الأرض‏.‏

- ‏(‏قط في‏)‏ كتاب ‏(‏الأفراد‏)‏ بفتح الهمزة ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة محمد العكبري وكذا أبو نعيم ‏(‏عن عمر‏)‏ بن الخطاب وقال أعني الخطيب‏:‏ هو غريب من حديث يزيد الفقيه ومن حديث مسعر بن كدام تفرد به يحيى بن هاشم السمسار اهـ وقال ابن الجوزي‏:‏ حديث باطل لا يصح وقال‏:‏ قال ابن عدي‏:‏ يحيى بن هاشم كان يضع اهـ وقال الذهبي في الضعفاء‏:‏ قالوا كان يضع الحديث‏.‏

‏[‏ص 250‏]‏ 3312 - ‏(‏تعتري الحدة‏)‏ أي النشاط والخفة ‏(‏خيار أمتي‏)‏ والمراد هنا الصلابة والشدة والسرعة في إمضاء الخير وعدم الالتفات في ذلك إلى الغير‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه سلام بن سلم الطويل وهو متروك‏.‏

3313 - ‏(‏تعجلوا إلى الحج‏)‏ أي بادروا به ‏(‏فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له‏)‏ زاد الديلمي في روايته من مرض أو حاجة فالحج وإن كان وجوبه على التراخي فالسنة تعجيله خوفاً من هجوم الآفات القاطعة والعوارض المعوقة وذهب أبو حنيفة إلى وجوب فوريته تمسكاً بظاهر هذا الخبر ولأنه لو مات قبله مات عاصياً ولولا فوريته لم يعص ورد الأول بأنه محمول على الندب والاحتياط والثاني بأنه إذا مات ولا نزاع فيه والثالث بالمنع لأنه إنما يحل تأخيره بشرط سلامة العاقبة فلما مات تبين عصيانه‏.‏

- ‏(‏حم عن ابن عباس‏)‏ ورواه عنه أيضاً ابن لال وغيره‏.‏

3314 - ‏(‏تعرض أعمال الناس‏)‏ الظاهر أنه أراد المكلفين منهم بقرينة ترتيبه المغفرة على العرض وغير المكلف لا ذنب له يغفر له كل جمعة مرتين قال القاضي‏:‏ أراد بالجمعة الأسبوع فعبر عن الشيء بآخره وما يتم به ويوجد عنده والمعروض عليه هو اللّه تعالى أو ملك يوكله على جميع صحف الأعمال وضبطها ‏(‏في كل جمعة مرتين يوم الاثنين ويوم الخميس -أي تعرض على اللّه وأما رفع الملائكة فإنه في الليل مرة وفي النهار مرة- وسبق الجمع بينه وبين رفع الأعمال بالليل مرة وبالنهار مرة ‏(‏فيغفر لكل عبد مؤمن إلا عبداً‏)‏ بالنصب لأنه استثناء من كلام موجب وفي رواية عبد بالرفع وتقديره فلا يحرم أحد من الغفران إلا عبد ومنه ‏{‏فشربوا منه إلا قليل‏}‏ بالرفع ذكره الطيبي ‏(‏بينه وبين أخيه في الإسلام شحناء‏)‏ بفتح فسكون ونون ممدودة أي غل فيقال اتركوا هذين ‏(‏حتى يفيئا‏)‏ أي يرجعا عما هما عليه من التقاطع والتباغض والفيئة كبيعة الحالة من الرجوع قال الطيبي‏:‏ أتى باسم الإشارة بدل الضمير لمزيد التعبير والتنفير‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في البر ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

3315 - ‏(‏تعرض الأعمال على اللّه تعالى يوم الاثنين والخميس فيغفر اللّه‏)‏ أي للمذنبين ذنوبهم المعروضة عليه ‏(‏إلا ما كان من متشاحنين‏)‏ أي متعاديين ‏(‏أو قاطع رحم‏)‏ فيؤخر كل منهم حتى يرجع ويقلع‏.‏ قال الحليمي‏:‏ في عرض الأعمال يحتمل أن الملائكة الموكلين بأعمال بني آدم يتناوبون فيقيم معهم فريق من الاثنين إلى الخميس ثم يعرضون وفريق من الخميس إلى الاثنين وهكذا كلما عرج فريق قرأ ما كتب في موقفه من السماء فيكون ذلك عرضاً في الصورة وهو غني عن عرضهم ونسخهم وهو أعلم بعباده منهم قال البيهقي‏:‏ وهذا أصح ما قيل قال‏:‏ والأشبه أن توكيل ملائكة الليل والنهار بأعمال بني آدم عبادة تعبدوا بها وسر عرضهم خروجهم عن عهدة التكليف ثم قد يظهر اللّه لهم ما يريد فعله بمن عرض عمله‏.‏

- ‏(‏طب عن أسامة بن زيد‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ فيه موسى بن عبيدة وهو متروك‏.‏

‏[‏ص 251‏]‏ 3316 - ‏(‏تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس على اللّه وتعرض على الأنبياء‏)‏ أي الرسل أي يعرض عمل كل أمة على نبيها ‏(‏وعلى الآباء والأمهات‏)‏ أي يعرض عمل كل فرع على أصله والكلام في أصل مسلم ‏(‏يوم الجمعة‏)‏ أي يوم كل جمعة ‏(‏فيفرحون‏)‏ يعني الآباء والأمهات ويمكن رجوعه إلى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أيضاً ‏(‏بحسناتهم وتزداد وجوههم بياضاً وإشراقاً‏)‏ والمراد وجود أرواحهم أي ذواتها أي ويحزنون بسيئاتهم كما يدل عليه قوله ‏(‏فاتقوا اللّه‏)‏ خافوه ‏(‏ولا تؤذوا موتاكم‏)‏ الذين يقع العرض عليهم بارتكاب المعاصي وفائدة العرض عليهم إظهار اللّه للأموات عذره فيما يعامل به أحياءهم من عاجل العقوبات وأنواع البليات في الدنيا فلو بلغهم ذلك من غير عرض أعمالهم عليهم لكان وجدهم أشد، قال القرطبي‏:‏ يجوز أن يكون الميت يبلغ من أفعال الأحياء وأقوالهم ما يؤذيه أو يسره بلطيفة يحدثها اللّه لهم من ملك يبلغ أو علامة أو دليل أو ما شاء اللّه ‏{‏وهو القاهر فوق عباده‏}‏ وعلى ما يشاء، وفيه زجر عن سوء القول في الأموات وفعل ما كان يسرهم في حياتهم وزجر عن عقوق الأصول والفروع بعد موتهم بما يسوءهم من فعل أو قول، قال‏:‏ وإذا كان الفعل صلة وبراً كان ضده قطيعة وعقوقاً‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن والد عبد العزيز‏)‏‏.‏

3317 - ‏(‏تعرَّف‏)‏ بشد الراء ‏(‏إلى اللّه‏)‏ أي تحبب وتقرب إليه بطاعته والشكر على سابغ نعمته والصبر تحت مر أقضيته وصدق الالتجاء الخالص قبل نزول بليته ‏(‏في الرخاء‏)‏ أي في الدعة والأمن والنعمة وسعة العمر وصحة البدن فالزم الطاعات والإنفاق في القربات حتى تكون متصفاً عنده بذلك معروفاً به ‏(‏يعرفك في الشدة‏)‏ بتفريجها عنك وجعله لك من كل ضيق مخرجاً ومن كل هم فرجاً بما سلف من ذلك التعرف كما وقع للثلاثة الذين آووا إلى الغار فإذا تعرفت إليه في الرخاء والاختيار جازاك عليه عند الشدائد والاضطرار بمدد توفيقه وخفي لطفه كما أخبر تعالى عن يونس عليه الصلاة والسلام بقوله ‏{‏فلولا أنه كان من المسبحين‏}‏ يعني قبل البلاء بخلاف فرعون لما تنكر إلى ربه في حال رخائه لم ينجه اللجأ عند بلائه قال‏:‏ ‏{‏آلآن وقد عصيت قبل‏}‏ وقيل المراد تعرف إلى ملائكته في الرخاء بالتزامك الطاعة والعمل فيما أولاك من نعمه فإنه يجازيك في الشدة يعرفك في الشدة بواسطة شفاعتهم بتفريج كربك والأول أولى لاستغنائه عن التقدير قال الصوفية‏:‏ ينبغي أن يكون بينه وبين ربه معرفة خاصة بقلبه بحيث يجده قريباً للاستغناء له من فيأنس به في خلوته ويجد حلاوة ذكره ودعائه ومناجاته وخدمته ولا يزال العبد يقع في شدائد وكرب في الدنيا والبرزخ والموقف فإذا كان بينه وبين ربه معرفة خاصة كفاه ذلك كله‏.‏

- ‏(‏أبو القاسم بن بشران في أماليه عن أبي هريرة‏)‏ ورواه عنه القضاعي وغيره وقال بعض الشراح‏:‏ حسن غريب‏.‏

3318 - ‏(‏تعشوا ولو بكف من حشف‏)‏ تمر يابس فاسد أو ضعيف لا نوى له كالشيص ‏(‏فإن ترك العشاء مهرمة‏)‏ أي مظنة للضعف والهرم كما ذكره الزمخشري لأن النوم والمعدة خالية من الطعام يورث تحليلاً للرطوبات الأصلية لقوة الهاضمة وفي رواية بدل مهرمة مسقمة وذلك لما فيه من هجوم المرة وهيجان الصفراء سيما في الصيف وشدة الحر وقال الزين العراقي‏:‏ دل الحديث لو كان محلاً للحجة على ندب العشاء لكون تركه مهرمة وفيه أنه لا ينبغي تعاطي الأمور المؤدية للهرم لأنه يضعفه عن العبادة وفي قوله ولو بكف من حشف إرشاد إلى سد الجائع جوعته بما تيسر من غير ‏[‏ص 252‏]‏ تكلف وقال العسكري‏:‏ ربما توهم متوهم أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم حث على الإكثار من الطعام وهذا غلط شديد فإن من أكل فوق شبعه أكل ما لا يحل له فكيف يأمر بأكله وإنما معناه أن القوم كانوا يخففون في المطعم ويدع المتغذي منهم الغذاء ولم يبلغ الشبع ويتواصون بذلك‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ من حديث محمد بن يعلى الكوفي عن عنبسة بن عبد الرحمن القرشي بن عبد الملك بن علاق ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ثم قال الترمذي‏:‏ هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه وعنبسة ضعيف وعبد الملك بن علاق مجهول اهـ‏.‏ وبه يعرف أن اقتصار المؤلف على عزو الحديث لمخرجه وحذفه ما عقبه به من بيان حاله وعلله غير صواب وقال الذهبي في الضعفاء والمتروكين‏:‏ عنبسة هذا متروك متهم وقال الزين العراقي‏:‏ متفق على ضعفه وقال النسائي‏:‏ متروك وقال أبو حاتم‏:‏ وضاع قال الزين‏:‏ ومدار الحديث على عنبسة هذا ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وكذا الصغاني وتعقبه المؤلف فلم يأت إلا بما حاصله أن له شاهداً‏.‏

3319 - ‏(‏تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم‏)‏ أي مقداراً تعرفون به أقاربكم لتصلوها فتعليم النسب مندوب لمثل هذا وقد يجب إن توقف عليه واجب ‏(‏فإن صلة الرحم محبة‏)‏ مفعلة من الحب كمظنة من الظن ‏(‏في الأهل مثراة‏)‏ بفتح فسكون مفعلة من الثرى أي الكثرة ‏(‏في المال‏)‏ أي سبب لكثرته ‏(‏منسأة في الأثر‏)‏ مفعلة من النسء في العمر أي مظنة لتأخيره وقيل دوام استمرار في النسل والمعنى أن يمن الصلة يفضي إلى ذلك ذكره البيضاوي وسمى الأجل أثراً لأنه يتبع العمر قال في العارضة‏:‏ أما المحبة فالإحسان إليهم وأما النسأ في الأثر فيتمادى الثناء عليه وطيب الذكر الباقي له وهذا لا يناقضه ما في الخبر الآتي علم النسب علم لا ينفع وجهالة لا تضر لأن محل النهي إنما هو التوغل فيه والاسترسال بحيث ينتقل به عما هو أهم منه كما يفيده قوله وجهالة لا تضر أما علم ما يعرف به النسب بقدر ما يوصل به الرحم فمحبوب مطلوب للشارع كما يوضحه بل يصرح به خبر ابن زنجويه عن أبي هريرة رضي اللّه عنه يرفعه تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ثم انتهوا وتعلموا من العريبة ما تعرفون به كتاب اللّه ثم انتهوا، فتأمل قوله ثم انتهوا تجده صريحاً فيما قررته قال ابن حزم في كتاب النسب‏:‏ من علم النسب ما هو فرض عين ومنه ما هو فرض كفاية ومنه مستحب فمن ذلك يعلم أن محمداً رسول اللّه هو ابن عبد اللّه الهاشمي فمن ادعى أنه غير هاشمي كفر وأن يعلم أن الخليفة من قريش وأن يعرف من يلقاه بنسب في رحم محرمه ليجتنب تزويج ما يحرم عليه منهم وأن يعرف من يتصل به ممن يرثه أو يجب بره من صلة أو نفقة أو معاونة وأن يعرف أمهات المؤمنين وأن نكاحهن حرام وأن يعرف الصحابة وأن حبهم مطلوب ويعرف الأنصار ليحسن إليهم لثبوت الوصية بذلك ولأن حبهم إيمان وبغضهم نفاق ومن الفقهاء من يفرق في الحرية والاسترقاق بين العرب والعجم فحاجته إلى علم النسب آكد ومن يفرق بين نصارى بني تغلب وغيرهم في الجزية وتضعيف الصدقة وما فرض عليهم عمر الديوان إلا على القبائل ولولا علم النسب ما تخلص له ذلك وتبعه علي وعثمان وغيرهما اهـ‏.‏ وقال ابن عبد البر‏:‏ لعمري لم ينصف من زعم أن علم النسب علم لا ينفع وجهل لا يضر اهـ وكأنه لم يطلع على كونه حديثاً أو رأى فيه قادحاً يقتضي الرد‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في البر والصلة ‏(‏ك‏)‏ في البر ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد قد وثقوا قال ابن حجر‏:‏ لهذا الحديث طرق أقواها ما خرجه الطبراني من حديث العلاء بن خارجة وجاء هذا عن عمر أيضاً ساقه ابن حزم بإسناد رجاله موثقون إلا أن فيه انقطاعاً‏.‏

‏[‏ص 253‏]‏ 3320 - ‏(‏تعلموا مناسككم فإنها من دينكم‏)‏ أي فإنها جزء من دينكم أو من جنسس دينكم أو من جملة ما فرض عليكم في الدين فالحج من الفروض العينية وكذا العمرة عند الشافعية فتعلم كيفيتهما من الفروض العينية كتوقف أدائهما عليه قالوا‏:‏ والتعلم فعل يترتب عليه العلم غالباً‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجاً لأشهر من ابن عساكر ممن يوضع لهم الرموز مع أنه قد خرجه أبو نعيم والطبراني والديلمي وغيرهم‏.‏

3321 - ‏(‏تعلموا العلم وتعلموا للعلم الوقار‏)‏ الحلم والرزانة قال ابن المبارك‏:‏ كنت عند مالك فلدغته عقرب ست عشرة لدغة فتغير لونه وتصبر ولم يقطع الحديث فلما فرغ سألته فقال‏:‏ صبرت إجلالاً لحديث المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وكتب مالك إلى الرشيد إذا علمت علماً فلير عليك أثره وسكينته وسمته ووقاره لخبر العلماء ورثة الأنبياء‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ من حديث حبوش بن رزق اللّه عن عبد المنعم بن بشير عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه ‏(‏عن عمر‏)‏ ثم قال‏:‏ غريب من حديث مالك عن زيد لم نكتبه إلا من حديث حبوش بن رزق اللّه عن عبد المنعم‏.‏

3322 - ‏(‏تعلموا العلم‏)‏ أي الشرعي زاد في رواية فإن أحدكم لا يدري متى يفتقر إلى ما عنده ‏(‏وتعلموا للعلم السكينة‏)‏ بتخفيف الكاف وشذ من شدد أي السكون والطمأنينة أو الرحمة ‏(‏والوقار‏)‏ لما ينبغي للعالم مراقبة اللّه في السر والعلن ولزوم السكينة والوقار والخضوع والخشوع والمحافظة على خوفه في جميع حركاته وسكناته وأقواله وأفعاله فإنه أمين على ما استودع من العلوم ومنح من الحواس الفهوم ‏(‏وتواضعوا لمن تعلمون‏)‏ بحذف إحدى التاءين ‏(‏منه‏)‏ فإن العلم لا ينال إلا بالتواضع وإلقاء السمع وتواضع الطالب لشيخه رفعة وذلة عز وخضوعه فخر وأخذ الحبر مع جلالته وقرابته للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم بركاب زيد بن ثابت وقال‏:‏ هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا فقبل زيد يده وقال‏:‏ هكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت نبينا قال السليمي‏:‏ ما كان إنسان يجترئ على ابن المسيب ليسأله حتى يستأذنه كما يستأذن الأمير وقال الشافعي‏:‏ كنت أصفح الورق بين يدي مالك برفق لئلا يسمع وقعها وقال الربيع‏:‏ واللّه ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر‏.‏

- ‏(‏طس عد عن أبي هريرة‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ وفيه عباد بن كثير وهو متروك الحديث‏.‏

3323 - ‏(‏تعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن ينفعكم اللّه‏)‏ بما تعلمتوه ‏(‏حتى تعملوا بما تعلمون‏)‏ ‏{‏كبر مقتاً عند اللّه أن تقولوا ما لا تفعلون‏}‏ قال العلائي‏:‏ مقصود الحديث أن العمل بالعلم هو المطلوب من العباد النافع عند قيام الأشهاد ومتى تخلف العمل عن العلم كان حجة على صاحبه وخزياً وندامة يوم القيامة‏.‏

- ‏(‏عد خط‏)‏ في كتاب اقتضاء العلم للعمل ‏(‏عن معاذ‏)‏ ابن جبل و ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أبي الدرداء‏)‏ قال الحافظ العراقي‏:‏ سنده ضعيف قال ورواه الدارمي موقوفاً على معاذ بسند صحيح‏.‏

‏[‏ص 254‏]‏ 3324 - ‏(‏تعلموا من أهل العلم ما شئتم فواللّه لا تؤجروا بجمع العلم حتى تعملوا‏)‏ بمقتضاه لأن العلم كالشجرة والتعبد كالثمرة فإذا كانت الشجرة لا ثمر لها فلا فائدة لها وإن كانت حسنة المنظر فينبغي مزج العلم بالتعبد لأنه ليس ثم عمر طويل غالباً حتى يترك له برهة من العلم قبل العمل فيخشى عليه أن يموت وهو في السبب قبل وصوله للمقصود وقد جعل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم العمل بالعلم من الأمور التي يغبط صاحبها عليها والمراتب التي يتمنى المرء الوصول إليها‏.‏ ‏"‏أوحى اللّه إلى بعض الأنبياء قل للذين يتفقهون لغير الدين ويتعلمون لغير العمل ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة ويلبسون مسوك الكباش وقلوبهم كقلوب الذئاب ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمرّ من الصبر‏:‏ إياي تخادعون وبي تستهزؤون لأتيحن لكم فتنة تذر الحليم حيراناً‏"‏‏.‏

- ‏(‏أبو الحسن بن الأحزم‏)‏ بخاء معجمة وراء مهملة بضبط المصنف ‏(‏المديني في أماليه عن أنس‏)‏ بن مالك‏.‏

3325 - ‏(‏تعلموا الفرائض وعلموا الناس فإنه نصف العلم‏)‏ إذ في الفرائض معظم الأحكام المتعلقة بالموت أي قسم واحد منه سماه نصفاً توسعاً في الكلام أو اعتباراً بحالتي الحياة والموت أو المراد أنه نصف العلم لما فيه من كثرة الغرض والتقدير والتعلقات ولا يعارضه ما في بعض الروايات من قوله فإنه من دينكم لأن من للتبعيض والجزء أعم من النصف وصدقهما ممكن ولا ينافيه الخبر الآتي العلم ثلاث‏:‏ آية محكمة وسنة قائمة وفريضة عادلة لأنه لم يجعله أثلاثاً بل أقساماً ثلاثة فيجوز أن تكون الفريضة العادلة نصف العلم والباقيات النصف الآخر ‏(‏وهو ينسى‏)‏ فيه كما في الكافي دلالة على أن المراد بالتعلم هنا التكرار ولا يكفي تعلمه مرة واحدة وقد سقط الوجوب عن الأمة بل المراد تعلمه بحيث لا ينسى فإنه أخبر بأنه مما ينسى وليس المراد الخبر عنه بذلك بل إنه يسرع إليه النسيان دون غيره لكثرة تشابهه فيكون قد حث على تكرار تعلمه ومداومة مدارسته فكأنه يقول تعلموا الفرائض وكرروها فإنها تنسى ومصداقه موجود فإنها أسرع العلوم نسياناً وأحوجها إلى المذاكرة والرياضة فيه بعمل المسائل وقال الماوردي‏:‏ إنما حث على علم الفرائض لأنهم كانوا قريبين العهد بغير هذا التوارث ولئلا يعطل بتشاغلهم بعلم أعم منه في عباداتهم ومعاملاتهم فيؤدي إلى انقراضه ‏(‏وهو أول شيء ينزع من أمتي‏)‏ أي ينزع علمه منهم بموت من يعلمه وإهمال من بعدهم له‏.‏